وفي هذا الإطار يتعين أن يكون أي تحرك منطلقًا من الاستشارة، ففي الآية الثامنة والثلاثين من سورة الشورى يقول الله تعالى: (وَالذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُم وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)، فعند تطبيق مبدأ المشاورة يكون كل فرد قد نطق بكلمة الحق، وفي الوقت نفسه تكون ثمة إمكانية لتقليب الآراء على جميع الوجوه قبل اتخاذ أي قرار، وهذا ما يقلص من احتمال الوقوع في الخطأ ويرجِّح فرص التوصل إلى القرار الصائب.
إن أهم جانب في موضوع الاستشارة هو الاحترام الذي يسود بين أصحاب الآراء المختلفة وكذلك تقبل آراء بعضهم البعض بتفهم ورحابة صدر. ففي أجواء المشاورة لا يُنظر إلى صاحب الرأي الذي أخذ به بل يُنظر إلى الرأي الأكثر صحة وإصابة. وبتعبير آخر فإن الغاية الأساسية من المشاورة هي التوصل إلى القرار الذي يكون أكثر فائدة بالنسبة إلى المجتمع وأقرب إلى الصحة من غيره. فالأخلاق الإسلامية تفرض على المؤمنين ألا يصروا على آرائهم وأن ينزلوا عند الرأي الذي يكون متفقًا مع الضمير والعدل والخير مهما كان مصدر هذا الرأي. وعلى المؤمنين أن يحذوا من العناد والإصرار النابعين من التكبّر كأن يقول أحدهم "يجب أن يكون رأيي هو المقبول" أو "إن رأيي هو الصحيح"، فهذا السلوك منبوذ عند الله تعالى، "...وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ." (يوسف:76). وكما هو وارد في هذه الآية الكريمة على المسلم أن يعلم أن ثمة من هو أعلم منه وأن من الخطأ أن يزعم أن رأيه هو الأصوب.
إن الاتحاد الإسلامي مطالب بالتعامل بمرونة أكثر وذلك بالنظر إلى الظروف السياسية المتغيرة،كما أنه مضطر إلى تطوير استراتيجياته من أجل الوصول إلى وجهات نظر أكثر تقدمًا. فمن الواضح أن الاتحاد لن يكون مجرد منظمة تكتفي فقط بإبداء ردود الأفعال أو التعبير عن التنديد والاستنكار، وإنما سوف يكون مركزا فاعلا قادرا على المبادرة والفعل. وعلى هذا المركز أن ينهض بوظيفته التي تتمثل في المتابعة والتنسيق المستمرين، كما ينبغي لنشاطاته أن تشمل جميع الدول الأعضاء. وهذا الاتحاد يقوم بتقييم جميع التطورات والأحداث بكامل الموضوعية، وينبغي أن يكون جاهزا لتلبية حاجة جميع المسلمين في العالم. ومن وظائف الاتحاد الإسلامي هو إزالة التوترات التي يمكن أن تنشأ بين الدول الأعضاء وفض النزاعات التي تولدها المصالح المختلفة، كما أن من مهامه إيجاد آليات لحماية المسلمين في علاقاتهم بغيرهم المجتمعات الأخرى. والاتحاد كفيل كذلك بزيادة فاعلية العالم الإسلامي ثقافيًا واقتصاديًا وسياسيًا.
الاتحاد الإسلامي القوي هو الحل لجميع المشاكل
إن من أهم المشاكل الأخرى التي تعاني منها بعض الدول الإسلامية هي مشكلة التخلف، ولهذا السبب فإن من الأهداف العاجلة للاتحاد الإسلامي هو تنمية أوضاع المسلمين في العالم والنهوض بها ودعم الدول الفقيرة لحل مشاكلها الاقتصادية. وعلى جميع الدول الإسلامية:
- أن تكافح الفقر،
- وأن تحث على الاستثمار لإحداث فرص عمل جديدة،
- أن تحرص على حماية الاستقرار والنظام الاجتماعيين،
- أن توفر العدالة الاجتماعية وتزيل الظلم الاقتصادي،
- أن تقوي علاقاتها الدولية والإقليمية وتوسع من مجالات التعاون،
إن من الضروري تقليص المصاعب التي يعيشها العالم الإسلامي والتي نجمت عن الفوارق المادية، ومن الضروري إقامة وحدة بين الدول الإسلامية في المجال الاقتصادي والسياسي وأهم من كل ذلك في المجال الثقافي، والنهوض بالدول المتخلفة ومدها بما تحتاجه من الإمكانيات. ومن ثمار هذه الوحدة هي النمو الاقتصادي والتقدم العلمي والتكنولوجي.
إن زيادة الاستثمار في الميدان الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي سوف يساهم في تنمية الاقتصاد وتطوره بشكل أكثر سرعة. ولا شك أن التطور الاقتصادي سوف ينجم عنه بصفة طبيعية تحسن في الميدان التربوي والتعليمي، وبالتالي فإن المجتمع سوف يتطور بصفة سريعة. ويمكن للأفراد الذين يعيشون في ظل هذا الاتحاد الإسلامي أن يتنقلوا دون أن تمنعهم الحدود ودون أن تُطلب منهم تأشيرات، كما أن دعم حرية التجارة والمبادرة سيكون وسيلة مهمة في النهوض بالعالم الإسلامي. وليس من شك في أن حركة التنمية هذه سوف تقود الدول الإسلامية بشكل طبيعي إلى الدخول في الحضارة المعاصرة وترفعها إلى مصاف المجتمعات المتقدمة.
يمثل التعاون الاقتصادي عاملا مهما سواء في الحفاظ على الاستقرار أو في إحداث التنمية المنشودة. وهناك دول إسلامية كثيرة يعتبر تحقيق الاستقرار الاقتصادي بالنسبة إليها ووضع هذا الاقتصاد على المسار السليم من الاحتياجات العاجلة. فالاهتمام بتطوير المؤسسات الصناعية والقيام بالاستثمار هو من الأمور الضرورية. فالملاحظ أنه لابد من تطوير مشروع للتنمية الشاملة، والنهوض بالتعليم والاقتصاد وتطوير البنية الثقافية وإحداث قفزة في العلوم والتكنولوجيا في آن واحد. فمن ناحية لابد من تطوير مجالات العمل من خلال إدخال التكنولوجيا الحديثة، ومن جانب آخر لا بد من رفع مستوى الكفاءة والنوعية لدى العمال حتى تصبح المجتمعات الإسلامية قادرة على مزيد من الإنتاج. ولعل إزالة الفقر والقضاء على الجهل، وتوزيع الموارد توزيعًا عادلاً، إضافة إلى القضاء على المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى سيكون له دور كبير في إقامة جسور التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية. وهذا التعاون يمكن أن يتم من خلال إقامة مناطق للتجارة الحرة واتحاد جمركي ومجموعة من الأسواق المشتركة.
الاتحاد الإسلامي وما يوفره من قوة جبارة
تتمتع العديد من الدول الإسلامية بخصائص فذة سواء من الناحية الجغرافية والإستراتيجية أو من ناحية مصادر الطاقة التي تتوفّر عليها مثل الغاز الطبيعي والنفط إضافة إلى الثروات الطبيعية الغنية بها. بيد أنه مع الأسف فإن هذه المصادر لم تستغل في أغلب الأحيان كما ينبغي، فنسبة 86 % من سكان العالم الإسلامي يبلغ دخلهم السنوي أقل من 2000 دولار، و76 % منهم يبلغ دخلهم السنوي أقل من 1000 دولار، في حين أن 67 % منهم لا يتجاوز دخلهم السنوي 500 دولار. وهذا الوضع يشكِّل تناقضًا صارخًا مع الإمكانات الضخمة التي يتمتع بها العالم الإسلامي. فما يستهلكه الغرب من النفط يتم تصدير نصفه تقريبًا من هذه المناطق الجغرافية، ونسبة 40 % من الإنتاج الزراعي في العالم مصدرها هذه المناطق أيضًا. وقد صرح العديد من الاقتصاديين والإستراتيجيين بأن الاقتصاد العالمي مرهون بما يتم تصديره من الأراضي الإسلامية من نفط وغاز طبيعي، وفي مقدمة تلك المناطق نجد خليج البصرة.
إن المخزون الذي تم اكتشافه من النفط إلى اليوم في منطقة خليج البصرة وحدها يعادل ثلثي المخزون العالمي. وقد ورد في التقرير الذي أعدته وزارة الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية أن صادرات منطقة الخليج من النفط سوف ترتفع بنسبة 125 % ما بين عامي 2000و2020 وهو ما يعني أن قسمًا كبيرًا من احتياجات العالم من الطاقة سيتم تأمينها من الخليج تمامًا مثل ما هو حاصل اليوم. وإلى جانب النفط، ينبغي ألا ننسى أيضًا أن الشرق الأوسط يتوفر على ما يقارب نسبة 40% من المخزون العالمي من الغاز، منها ما يقرب من 35 % في منطقة الخليج وحدها.
وبالإضافة إلى ذلك تعد دول القوقاز ووسط آسيا من الدول الغنية جدًا بالنفط والغاز الطبيعي. كما أن بعض الدول الإسلامية ثرية بالمواد المعدنية الثمينة، فأوزباكستان وقرغيزستان مثلا تأتيان في مقدمة الدول المنتجة للذهب في العالم. كما أن تركيا تعتبر من أغنى الدولبمعدن البورون الذي تزايدت أهميته أكثر خلال السنوات الأخيرة. وتمتلك طاجيكستان أكبر المنشآت لتصنيع الألمونيوم في العالم.
إن القرن الواحد والعشرين وصف بكونه قرن الطاقة، ولذلك فإن هذه الامتيازات التي تتمتع بها الدول الإسلامية سوف تتزايد أهميتها أكثر في المستقبل. وتمثل الطاقة في حياة مجتمعاتنا المعاصرة عنصرًا مهمًا إذ أنها تدخل في الصناعة والمواصلات والإعمار والجوانب العسكرية أيضًا. فالحاجة مُلحة للطاقة بدرجة أولى من أجل تنشيط الإنتاج والاقتصاد. ولهذا السبب يتعين بذل جهود مضنية خلال القرن الواحد والعشرين من أجل مراقبة مصادر الطاقة وضمان السيطرة عليها. ولكن للأسف الشديد فهذه الامتيازات الهائلة التي تنعم بها أراضي المسلمين لم تقع الاستفادة منها على الوجه المطلوب. وبالنسبة إلى أغلب هذه الدول- وبالرغم من ثراء مصادرها- فإنها لم تتمكن من زيادة إنتاجها أو تحويل هذه المصادر في مصانعها وذلك بسبب العجز في بنيتها التحتية وإمكانياتها التكنولوجية، ومن هنا اقتصرت مساهمة هذه المصادر الغنية في الاقتصاد على الصادرات. فهذه الدول غير قادرة على تكرير النفط واستخدامه في مركبات صناعية خاصة بها، كما أنها غير قادرة على تطوير مصانعها. وإلى جانب ذلك فهناك بعض الدول الإسلامية الأخرى لا تملك الإمكانيات الكافية من أجل إجراء الأبحاث اللازمة لاستكشاف المصادر الباطنية وتحديد مواقعها ثم استخراجها. وهذه الأبحاث والاستكشافات تقوم بها شركات أجنبية في بعض الدول، وبعض الدول الإسلامية الأخرى يوجد بها نفط وغاز طبيعي غير أنها لا تستفيد منهما على الإطلاق.
إن عدم استغلال الثروات الباطنية من قبل الدول الإسلامية لا يمثل المشكل الاقتصادي الوحيد بالنسبة إليها، ولكن إذا تم الانطلاق من هذه المشكلة أمكن بعد ذلك حل الكثير من المشاكل الأخرى. نعم ثمة فوارق بين اقتصاديات الدول الإسلامية وفوارق في بنية هذه الاقتصاديات، فاقتصاد بعض هذه الدول يعتمد على كثرة الثروات الباطنية (مثل الدول الغنية بالنفط)، وبعض الدول الأخرى يعتمد اقتصادها على الزراعة (وذلك بالنظر إلى موقعها الجغرافي الخصب). وهذه الاختلافات في البنى الاقتصادية توازيها أيضًا اختلافات في البنى الاجتماعية. فالأغلبية في بعض الدول تعيش في المناطق الريفية بينما تتميز شعوب دول أخرى بأنها ذات طابع مدني (نسبة إلى المدينة). بيد أن دولة ما يمكن أن تسد النقص الموجود في دولة أخرى، وهذه الدولة بإمكانها أن تلبي حاجيات تلك الدولة، فيحدث تكامل بينها، وبذلك تصبح تلك الاختلافات عامل ثراء مهم.
يمكن لهذه النقطة أن تكون منطلقًا للاستثمارات والجهود المشتركة. وبفضل تلك الجهود تستفيد كل دولة من تجارب الدول الأخرى، وتكون مجالات الاستثمار بين البلدين مصدرًا اقتصاديًا لكلا الطرفين. وكما بينا من قبل فإن الدول الإسلامية بتقديمها الدعم لبعضها البعض تسير وفقًا للأخلاق الإسلامية السامية. فنجدة المحتاج والتعاون الاجتماعي هما من أهم خصال المسلمين، وقد أمر القرآن الكريم في كثير من آياته بمد يد العون لذوي الحاجة. وينبغي أن ينتقل التعاون داخل المجتمع الواحد إلى تعاون أشمل بين المجتمعات. وبالإضافة إلى ذلك فإن مجالات التعاون بين الدول الإسلامية لن تقتصر على مجال بعينه. وبذلك تتزايد فرص العمل من ناحية ويبدأ مستوى الدخل في كلا المجتمعين في الارتفاع. فإذا كان بلد ما ينتج النفط، فإن البد الإسلامي الآخر يمكن أن يقوم بعملية تكريره، وإذا كانت هناك دولة فقيرة من حيث الزراعة فإن الدولة الأخرى تسد لها حاجتها في هذا المجال. وإذا كانت القوة العاملة في دولة إسلامية ما محدودة فإن الدولة الأخرى يمكن أن توفر لها ما تحتاجه. وفي صورة ما إذا وجدت القوة العاملة غير أن صناعة تلك الدولة لم تتطور بما فيه الكفاية فإن الدولة المتطورة تنجدها بما ينبغي من الاستثمارات المتنوعة. وعائدات هذا الاستثمار تذهب إلى الدولة التي تم فيها الاستثمار والجهة المستثمرة ومن ساهم في عملية الاستثمار أيضًا. وبذلك تنمو بركة العلم وتزداد التجربة، ويستفيد جميع المسلمين من التطور التكنولوجي على أحسن وجه.
إن الجهود المشتركة من أجل توحيد قوى العالم الإسلامي وإمكانياته تمكن من إنتاج احتياجات كثيرة، داخل الدول الإسلامية على غاية من التطور التكنولوجي. ثم إن السوق الإسلامية المشتركة المزمع إنشاؤها سوف ترفع الحواجز والعراقيل الجمركية فتسوق البضائع التي يتم إنتاجها في بلد ما بكامل السهولة في بلد آخر. وهكذا تتوسع مجلات التجارة وتنال كل دولة إسلامية نصيبها من السوق، وتزداد عمليات التصدير، وهذا من شأنه أن يسرع من وتيرة الصناعة في البلاد الإسلامية. وما سوف تشهده الصناعة من تطور يمكن أن يشمل المجالات التكنولوجية أيضًا. وعلى هذا النحو بإمكان الدول الإسلامية أن تقف صفًا واحدًا في مواجهة المجموعات الاستثمارية الأخرى، وبذلك تصبح جزءًا فاعلاً من الاقتصاد العالمي.
بهذا الشكل تتحسن مستوى معيشة الشعوب الإسلامية وتنعم بالرّفاه، وتزول مظاهر الظلم الاجتماعي. وفي الواقع فإن هناك اتفاقيات إقليمية في التجارة الحرة في كل من دول الخليج وجنوب أفريقيا ودول الباسيفيك ودول شمال أفريقيا. وهناك أشكال من التعاون الاقتصادي في العالم الإسلامي، ولا يمكن استثناء تركيا من هذا التعاون. وفي بعض الأماكن يتعلق الأمر بتعاون ثنائي، غير أن المطلوب هو توسيع هذا التعاون ليشمل جميع الدول الإسلامية، فيحمي حقوق هذه الدول ومصالحها ويوفر لها جميعا فرصة النهوض.
الله تعالى يأمر المسلمين بأن يكونوا أولياء لبعضهم البعض
كل هذا لا يتحقق إلا من خلال مؤسسة مركزية ومن خلال التنسيق الكامل. والطريق لضمان النجاح في هذا المسعى هو غرس الأخلاق الإسلامية التي جاء بها القرآن الكريم والتي أُثرت عن النبي صلى الله عليه وسلم في مجتمعات الدول الإسلامية، بمعنى أنه بالإمكان تحقيق ذلك من خلال نهضة ثقافية إسلامية. وينبغي أن تكون قيادة هذه النهضة الثقافية وما يترتب عنها من تعاون سياسي واقتصادي بيد الاتحاد الإسلامي.
وعلى جميع المسلمين أن يأخذوا بعين الاعتبار الأحكام الإسلامية في موضوع التعاون والتضامن. فلقد أمر الله تعالى الإنسان في القرآن الكريم بأن يحذر حب المال وفرط الحرص عليه وأوصى برعاية المحتاج ومساعدته، وبين أن في أموال الأغنياء نصيبا للفقراء. (الذاريات: 19). وفي هذا الموضوع نورد الآيات الكريمة التالية:
(وَلاَ يَأْتَلِ أُولِي الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى وَالمَسَاكِينَ وَالمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ الله وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ الله لَكُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور:22)
(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ الله لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرِ يُسْرًا ) (الطلاق: 7).
كما بين الله تعالى في القرآن الكريم أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض (التوبة: 71)، وكلمة "ولي" تتضمن معنى الصديق والمساعد والداعم والمنقذ، وفيها تأكيد على أهمية التعاون والتضامن داخل المجتمعات الإسلامية. وما من شك في أن التعاون الذي يكون دافعه مفهوم الأخوة سيجلب الخير والبركة للمسلمين ويزيل الفقر الذي يعتبر من المشاكل المستعصية في العالم الإسلامي. وينبغي ألا ننسى أن المجتمعات المحكومة بالأخلاق القرآنية لا تواجهها مشاكل الفقر والجوع والخصاصة. ولقد طوَّر المسلمون مجتمعاتهم من خلال سياسة عاقلة وراشدة تتسم ببعد النظر، وكذلك من خلال ربط علاقات وطيدة مع باقي المجتمعات والدول و إيلاء أهمية خاصة للتجارة والاستفادة من المصادر الثقافية المختلفة.
إن بالإمكان بعث الحضارة الإسلامية من جديد وجعل القرن الواحد والعشرين قرنًا زاهرًا بالنسبة إلى العالم الإسلامي وذلك بقيادة إسلامية حكيمة.
إن العالم الإسلامي مضطر إلى أن يصبح كتلة عسكرية وسياسية واقتصادية موحدة، وعندما يتمكن من إقامة الوحدة فستشع ثقافته وحضارته من جديد على العالم، وسوف يكون عاملاً مهمًا في الحفاظ على الأمن العالمي، أما بعض الأطراف المتشددة التي تؤمن بنظرية "الصراع بين الحضارات" فلن تجد لها مكانا في هذا العالم.
نعم لقد شهد التاريخ يومًا تلك الحضارة، وستعود قريبًا بقيادة الاتحاد الإسلامي، وسوف تشع على العالم من جديد بإذن الله تعالى.
بقلم:عدنان أوقطار