كيف استطاع النظام الفكـري للشيوعية الداروينية الاستيلاءعلى السلطة في البلاد العربية خطوة خطوة؟ - مرحلة السلطة:في الفترة الممتدة بين انهيار الخلافة العثمانية واندلاع الحرب العالمية الثانية استطاعت القوى الاستعمارية ممثلة أساسا في فرنسا وأنكلترا تركيـز أنظمة ظالمة موالية لها في كل من الجزائر ومصر وتونس والعراق وسوريا ولبنان.
- مرحلة الإدارة:من جانب آخـر كان النظام الفاشي في إيطاليا وألمانيا يعيثان فسادًا في ليبيا وأثيوبيا ويمعنان في إذلال شعبيهما. وفـي هذه المرحلة كان أهل الدين والإيمان يعانون الأمرين ويتعرضون لظلم شديد، وفي المقابل كان الجيل الجديد وموظفو الدولة يتلقـون تعليمًا في أوروبا قائما في أسـاسه على الداروينية المادية. والهدف من ذلك هو إبعاد الشعوب عن دينها بعد أن مُسخ موظفو الدولة وغُسلت أدمغتهم، وعلى هذا النحو يكون من السهل حماية النظام الاستعمـاري. وبالفعل ساهم التعليم القائم على الشيوعية والداروينية في أوروبا في تشكيل وعي جديد وتكوين أجيال حديثة بعيدة كل البعد عن الدين.
- المرحلة العسكرية: انتهت الحرب العالمية الثانية وكانت نتيجتها دمار كبير في اقتصاد الدول الأوروبية، وعلى إثر ذلك بدأت الحرب الباردة في المنطقة بين أكبر قطبين في العالم، وفي الوقت نفسه بدأت الحركات الشيوعية تتسرب إلى الدول العربية. وقد بدأت هذه التّيارات في الانتشار بين القوميين العرب من ناحية، ومن ناحية ثانية كانت تسعى لبناء نظام اشتراكي شيوعي في هذه البلدان. إن الإيديولوجيا الشيوعية وجدت لها سندًا ودعمًا خصوصا من قبل الأنظمة العسكرية، ذلك أن العسكريين في الدول العربية كانوا قد تلقـوا تعليمًا ماديا داروينيا في الدول الأوروبية إبان مرحلة الاستعمار، وهم يتكوّنون بالأساس من رجال الدولة الذين أبعدوا عن دين الإسلام وتغربوا عنه.
-
مرحلة الثورة:إنّ الحركة الاشتراكية الشّيوعية العربيّة
، ومنذ سنوات السبعينات قامت بثورات كثيرة كانت نتيجتها أن تمّ الاستيلاء على السلطة بالقـوّة؛ من ذلك اعتلاء جمال عبد الناصر سدة الحكم في مصر، ووصول العقيد القذافـي إلى السّـلطة في ليبيا، وكذلك وصول الجنرال حسن البكر إلى السلطة في العراق أولاً ثم من بعده الرئيس صدام حسين، وفي سوريا وصل حزب البعث الاشتراكي إلى السلطة بقيادة الرئيس حافظ الأسد. وعلى إثر هذه الثّـورات تبنت أغلب الدول العربية النظام الشيوعي. فالحركة الشيوعية في كل من سوريا والعـراق قادها حزب البعث وتسلّم السّلطة في كـلا البلدين وتسرب أعضاؤها إلى أدقّ مناحي الـدّولة ومواقعها الحسّاسة في السلطة و الإدارة والجيش والتعليم.
- الشروع في بثّ التعليم ذي المضامين الداروينية الشيوعية في البلاد العربية: هذه الحكومات الشّيوعية في الدول العربية في فترة الحرب الباردة اعتمدت سياسة تقارب مع الاتحاد السوفياتي. وقد نقل المفكرون السوفيات نشاطهم من أجل تلقين الداروينية والمادية والشيوعية هذه المرة إلى الدول العربية؛ وبعد فترة تراوحت ما بين الـ30 و الـ40 سنة من التعليم والتلقين لهذه الأيديولوجيات ظهر جيل من المسلمين انقطع تماما عن مؤسساته الدينية واستبدل بالأخلاق الإسلامية نظامًا شيوعيا قائما على العنف والاستبداد.
التأثير المدمّر للفكر الدارويني الشيوعي على الشعوب العربية منذ النّصف الثاني من القرن العشرين أصبحت الشعوب العربية المسلمة تُـدار من قبل الأنظمة الداروينية الشّيوعية. وفي هذه المرحلة أصبحت الشعوب العربية ترزح تحت أغلال الظلم والحروب والحوادث الإرهابية والمجازر الإثنية. وهذه الثورات الشيوعية المتعاقبة تسببت في جو من عدم الاستقرار والفقر المدقع. وبالنسبة إلى الشعوب الإسلامية فبالرغم من الثروات البيترولية التي تتمتع بها بلدانها فإنها كانت تزداد فقرا يوما بعد يوم، أما الحكام ومن لف لفهم فإنهم يزدادون ثراء على ثراء. وقد مارست الأنظمة الشيوعية العربية جميع أنواع الظلم والفساد شأنها شـأن الأنظمة الشوعية الأخرى، وارتدت أقنعة القومية العربية المزيّفة. وقد حل محل الحب والسلام والرحمة التي كانت سائدة بالمنطقة في العهد العثماني شراسة الشيوعية وبربريتها وظلمها.
كانت منطقة الشرق الأوسط طيلة العهـد العثماني تتمتع باستقرار كبير أفضل بكثير مما عليه الوضع في الوقت الراهن. وقد كان انسحاب العثمانيين من المنطقة في بداية القرن العشرين يعني دخول قـوى جديدة إليها. وقد اتحدت الأنظمة الصهوينية الملحدة من أجل تحقيق هدف محدد وهو الوصول إلى الأراضي المقدسة عبر إخـراج العثمانيين منها. وكان أولى العمليات التي قاموا بها في إطار السعي لتحقيق هذه الغاية شراء ذمم القادة العرب وتحريضهم على الثورة. وقد ظهرت في البداية جملة من حركات التمرد وحروب وسيناريوهات لكـي تبقى الأراضي المقدسة خارج دائرة السّيطـرة. ومنذ ذلك الوقت ظلت تلك الأماكن تعني من توترات واضطرابات لا تنتهي، كما أن الدماء والدموع لم تجف حتى اليوم...
|