(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)
(سورة الأنبياء: 18) "
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" (التحريم: 66)
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "انصر أخاك ظالماً او مظلوماً" فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أرأيت إن كان ظالما كيف أنصره؟ قال: "تحجزه – أو تمنعه – من الظلم فإن ذلك نصره"
.
تتعلق الموضوعات التّالية بهذا الواجب المهمّ والطريقة التي يجب أن تتبع في ضوء الآيات القرآنية.
القضاء على أصنام الكفر"
قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ" (الأنبياء: 62- 65)
اعترف قوم إبراهيم أنهم مُدركون لهذه الحقيقة
(لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤلاءِ يَنْطِقُونَ)، فهم يعرفون جيداً بأن هذه الأصنام غير قادرة على فعل شيء وأنها لا تستطيع خلق هذا النظام الكامل الذي يتميز به الكون كله. ولكنهم ظلوا عندما اتخذوا تلك الأصنام آلهة يعبدونها من دون الله تعالى التزاما بمعتقدات أجدادهم الأقدمين.
"ليست المناهج والمؤسسات العلمية هي التي ترغمنا في بعض الأحيان لقبول التفسير المادي للعالم، بل على العكس من ذلك فنحن مضطرون، وفقاً لالتزامنا بالنظرة المادية إلى العالم لخلق أدوات للبحث ومجموعة من المفاهيم التي تعمل على تقديم التفسيرات المادية، بغض النظر عن مدى مطابقتها للحقيقة، وبغض النظر عن التشويش الذي يمكن أن تحدثه في الأذهان. فالمادية تمثل شيئا مطلقا، ولا يمكن أن نسمح بالتفسيرات الإلهية للعالم".
"إذا كان الأمر كذلك، فهي ستكون خطاً موازياً لنظرية التطور في حد ذاتها، وهي نظرية مقبولة بصورة آلية، ليس لأنه بالإمكان إثبات صحتها بالدلائل المنطقية والعلمية، وإنما لأنّ البديل الوحيد وهو الخلق يجب أن يبقى مستبعدا".
وتوضح العالمة البريطانية المعروفة "شندرا ويكراماسينغا" كيف يُشترط على الشخص الشّرك بالله تعالى:
"تعرضت لغسيل مخ حاد منذ بداية تدريبي كعالمة للاعتقاد بأن العلم لا يمكن أن يكون متوافقا مع أيّ نوع من أنواع الخلق، ولقد نسفت هذا التّصور بكل ألم. و في هذه اللحظة، لا أستطيع أن أجد أيّ جدل عقلي يعارض الرّأي الذي ينادي بالاعتراف بالله. فنحن تعودنا على أن نتعامل بعقول مفتوحة، والآن نحن ندرك أن الخلق هو الجواب المنطقي الوحيد للحياة، وليس التخبط العشوائي المبني على المصادفة، والذي لا يحتوي على أيّ إتقان".
تبين الأمثلة المذكورة سابقا بوضوح أنه يتعين على علماء نظرية التطور الالتزام من حيث الاعتقاد بنظرية التطور التي أساسها "النظرة المادية" وذلك من أجل رفض فكرة الوجود الإلهيّ، رغم إدراكهم ببطلان هذه النظرية. وهؤلاء الأفراد هم الذين يقودون العالم اليوم.
"قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ" (الأنبياء: 66- 67)
- الوعي بالأفكار التي تدعو لها الحركات الإلحادية
من الضّروري على كل شخص أن يعرف حقيقة الحركات اللاإيمانية وحقيقة منهجياتها ومفاهيمها التي تهدف إلى القضاء على القيم الأخلاقية، وهذا يمكِّن الإنسان من إظهار المنطق الخاطئ والأساس العقلي المنحرف الذي يتناقض مع العلم والعقل. ويمكن بسهولة كشف الأساس الواهن الذي ترتكز عليه تلك المنهجيات مع خروجها عن التناسق المنطقي فكراً وعملاً، كما يمكن لذوي الوعي والإدراك الذين لديهم معرفة عميقة بشأن المنهجيات الإلحادلة توقّع الأضرار المحتملة التي يمكن أن تحلّ بالأمم، وبذلك يتسنى لهم اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
- إثبات عدم صحة نظرتي التطوّر والمادية بالأدلة العلمية
في بداية هذا الكتاب تمّت الإشارة إلى أن المادية هي من أشدّ المناهج خطورة على العقائد، وما جعلها أكثر تميزاً وأكثر فاعلية عن المناهج الباطلة الأخرى هو تقديمها تحت غطاء "العلم". وبينما تعتبر الوثنية بأنّها بدائية، نجد أنّ نظريتي المادية والتّطور (رغم عدم وجود فرق جوهري بينهما) قد اكتسبا هالة علمية باطلة. وبالتالي، فإنه من الضروري كشف حقيقة أن هاتين النظريتين تتناقضان بالفعل مع العلم والمنطق.
كما إنه من الضروري بيان أنّ الحجج التي تقدمها نظرية التّطور قد تم تصميمها من أجل خداع عقول النّاس. و لتحقيق هذا الأمر، يجب أن يتابع المرء نتائج الأبحاث العلمية الحديثة بدقة ويدحض، على أسس علمية، الأدلة التي تعتمد عليها نظرية التطور في كل جانب من جوانب العلم، وذلك بتقديم الأدله المقنعة. والأجزاء الأخيرة من هذا الكتاب تقدم أمثلة عن هذه الأدلة.
وفي الواقع، هناك عدد محدود من الحجج التي يستند إليها أصحاب نظرية التطور، وهي حجج باطلة، ويظهر ذلك منذ الوهلة الأولى. وهذه الحجج غالباً ما يتمّ شرحها بواسطة أناس يستخدمون المصطلحات العلمية، ويتم تقديمها إلى عامة الناس تحت ستار "العلم"، وبذلك ينخدع البعض بهذه الدلائل. بيد أنّ جميع هذه الطروحات تكون مليئة بالعبارات غير المفهومة والمصطلحات الغامضة التي لا تستند إلى أية أسس علمية. والعالم كله اليوم مقتنع بعدم منطقية الدّاروينية، ومن الضّروري إعلام الناس بهذه الحجج وتعليمهم إياها وتحذيرهم من هذا الخطر. ومن الواضح أنّ هذا العمل يتطلب جهدا كبيرا، فيجب على كل مؤمن الجهاد للمشاركة في هذه المسئولية العظيمة.
- إبلاغ الدين الحق المعروض في القرآن
الدّين الحق يختلف تماماً عن المفاهيم السيئة التي روجتها بعض الدوائر عن الدّين، ولذلك فإن رسالة الدين الحق التي جاءت في القرآن لابدّ من توصيلها إلى الناس بحماس وشرحها لهم شرحا مفصّلا. وقد ذكرنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بالنفع الذي يعود على المؤمنين من هذه المعرفة بقوله صلى الله عليه وسلم "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"
إن العلاج الوحيد للتهديدات والمخاطر المترتبة عن الإنكار والإلحاد والفوضوية والمادية: هو الالتزام بحقائق القرآن الكريم. غير أنّ اللعنة التي حولت دولة عظمى مثل الصين إلى الشيوعية في فترة وجيزة من الزّمن لن تستطيع المعايير السياسية والمادية وحدها التغلب عليها، ولا يمكن القضاء عليها سوى بواسطة حقائق القرآن الإيمانية.
فهؤلاء الذين يلتمسون الإيمان الراسخ ويبحثون عن السّيف الذي لا يُكسر والذي بواسطته يمكن مواجهة الإلحاد مهاجمة الكفر والفوضوية يجب الرجوع إلي " العلامه العليا"
إن الفوضوية هي النتيجة المباشرة للنزعات اللاإيمانية والتيارات الشيوعية والإلحادية، وإنّ الشيء الوحيد الذي يمكن أن يقف ثابتاًً صامدا أمام هذه التيارات المخيقة هو الإسلام في تكامله ووضوح حقائقه.
- شرح الدلائل التي تثبت وجود الله
وجود الله تعالى أمر لا شك فيه لمن أعمل عقله، فدلائل وجوده تعالى لا تحصى ولا تعد، وهي موجودة في جميع المخلوقات، وقدرته وحكمته واضحتان لا تخفى على ذي إدراك سليم. ورغم ذلك ولسنوات عديدة اتجه كثير من الناس نحو مذهب إنكار الوجود الإلهي وبثّ العديد من الشكوك. لذا، ومن أجل نزع الكبر الراسخ في عقول الناس من الضّروري بيان الدلائل العلمية على الوجود الإلهي. وعندما يتأمل كلّ إنسان في أدقّ عناصر تركيبة جسمه يمكن أن يشهد الخلق المُبدع لله عز وجل. ولذا يجب بذل أكبر الجهود من أجل بيان هذه الحقائق وتوضيحها للآخرين وإثبات أن هذا التصميم الدقيق لا يمكن أن يكون نتيجة للمصادفة، ويمكن أن يتمّ ذلك عن طريق المنشورات والوسائل المرئية.
وهناك العديد من الأفراد الذين أصابهم ضعفٌ روحيّ شديد لدرجة أنهم فشلوا في رؤية أشد الحقائق وُضوحًا، ويمكن إيقاظهم من غفلتهم عن طريق الجهود الجادة. فالشخص الذي لا يصدق أنّ الخلق الكامل للكائنات التي توجد في كل مكان هي من قبل المصادفة لا خطر عليه من الإلحاد والإنكار، وعندما يؤمن بالله سوف يتفهم أنه مسئولٌ أمامه في كل صغيرة وكييرة وأن عليه العيش وفق ما يرضيه سبحانه وتعالى.
وفي العديد من آيات القرآن، يدعو الله الإنسان للتفكر والتأمل في مخلوقاته التي خلقها وأن يستخلص الدروس من ذلك، يقول تعالى:
"أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ" (ق: 6- 11)
"
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ" (الضحى: 11)