عدد الرسائل : 655 نقاط : 1830 تاريخ التسجيل : 16/07/2009
موضوع: لكم أنتم أيها الأطفال الجمعة أغسطس 07, 2009 6:21 am
طهارة المؤمنين
كان علي في هذا اليوم شديد الاضطراب، لقد كلفهم معلمهم بإعداد واجب مدرسي حول النظافة، وقد طلب منه المعلم أن يجمع المعلومات اللازمة من مصادرها التي أشار بها عليهم و يكتبها على أوراق و يقدمها. وحتى ذلك اليوم كان علي يلتزم التزاما كاملا بالنظافة غير أنه احتار في كيفية شرح هذا الموضوع. ولا شك أن هناك أشياء أخرى كثيرة لا يعرفها عن هذا الموضوع. وتذكر علي فكرة جيدة، فكثير من المعلومات المطلوبة توجد عند الجد أحمد، و يمكن أن يأخذها عنه, فهو يسكن في العمارة نفسها التي يسكن فيها هو. وأخذ القلم و واستأذن من أمه و ذهب إلى منزل الجد أحمد. وسُر الجد أحمد لِما قام به علي، وبدآ يتجاذبان أطراف الحديث. علي: أيها الجد أحمد كل إنسان يجب أن يكون نظيفا، لكن بعض الأصدقاء في المدرسة يأتون الصباح ولم يغسلوا حتى وجوههم.
الجد أحمد: عزيزي علي، لقد أمر الله المؤمنين في القرآن الكريم بالنظافة ونهاهم عن الوسخ. والناس الذين لا يلتزمون بأخلاق القرآن ولا يطبقونها في حياتهم يقعون في هذه الأمور السيئة، والمؤمنون أناس طاهرون بدنيا، وهم يجلبون إعجابك بنظافة أبدانهم ومأكولاتهم وملابسهم والأماكن التي يعيشون فيها. بل إنهم يريدون أن يجعلوا من بيئتهم شبيهة بالجنة التي عرفها لنا القرآن الكريم في الآيات التالية: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ أَلاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) الحج، 26 وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا للهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (البقرة، 172 وقال أيضا: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) المدثر 4-5 علي: حسنا، ماذا ينبغي على المؤمنين فعله حتى يتمكنوا من التحلي بالنظافة التي بينها القرآن الكريم؟ الجد أحمد: لقد خلق الله تعالى الماء للناس طهورا، فالماء نعمة عظيمة وهو مدعاة لشكر الله تعالى.
وتأتى في مقدمة الواجبات المطلوبة أن يغسل المؤمن يده ووجهه حالما يقوم صباحا، ثم يستحم حتى يبدأ يومه على غاية من النظافة. وقد قال الله تعالى مبينا أن الماء جعل للنظافة والطهارة: (إِذْ يُغَشِّيكُم النُّعَاسَ أ|مَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ ) الأنفال، 11
علي: أيها الجد أحمد، يمكن أن نفهم من هذه الآيات أن الشيطان هو الذي يبعد الناس عن النظافة، أليس كذلك؟ معنى هذا أن الناس الوسخين هم الذين اتبعوا الشيطان. الجد أحمد: لقد حذر الله تعالى في هذه الآية الإنسان من أن الشيطان يجلب إليهم الرجس ويبعدهم عن النظافة. فالشيطان يسعى باستمرار وبلا كلل لكي يظل الإنسان عن الطريق القويم، وهو في أمر النظافة أيضا يوسوس للإنسان حتى يجعله من أهل الرجس والخبث. ومثال ذلك، أنه يوعز للإنسان بأن يؤخر فرش أسنانه بعد الأكل أو يعسّر عليه أخذ حمام بشكل منتظم. وبمرور الوقت ينسى هذا الأمر بشكل كامل. وقد يكون لهذا التهاون نتيجة مباشرة، ولكن مع الوقت يكون ذلك سببا في فساد مظهر الشخص وتضرر صحته. والواقع أن غاية الشيطان هي هذه تماما، فهدف الشيطان هو إفساد قلب الإنسان بالمشاعر الكريهة وسوقه إلى جهنم. ويريد الشيطان كذلك أنه يُردي الإنسان في النجاسات فيخرب عليه صحته وأسنانه ويدفعه إلى أن يكون كريه المظهر. غير أن المؤمن الذي يلتزم بأخلاق القرآن يكون فطنا وحذرا من هذه الوساوس، ولا يبدي أي تهاون في موضوع النظافة؛ فهو يعتني بنظافته قدر المستطاع. علي: هناك بعض الناس لا تظهر عليهم النظافة وحسن الهندام إلا في بعض المناسبات، فهم لا يكونون كذلك إلا في الأعياد مثلا، أما بقية وقتهم فهم مهملون وغير نظيفين. ماذا يعني هذا الفهم للنظافة عندهم؟ الجد أحمد: هناك بعض الناس يلتزمون بالنظافة التزاما كبيرا بالرغم من ابتعادهم عن الأخلاق التي دعا إليها القرآن الكريم، بيد أن نواياهم وغايتهم تكون بعيدة تماما عن مقاصد أهل الإيمان. فغاية هؤلاء هي أن لا يجعلوا أنفسهم عرضة لنقد الآخرين وأن يظهروا أمامهم في شكل لائق لا يعيبهم عندهم. فبما أن نظافتهم لا يقصد بها وجه الله ورضاه فإنهم لا يجدون حرجا في الظهور بمظهر سيء عندما يكونون مع أناس لا يحبونهم أو لا يعرفونهم. أما المؤمن فهو لا يولي النظافة هذه الأهمية حتى يكون مقبولا لدى الناس، وإنما يحرص على النظافة لكسب رضا الله تعالى والنزول عند أوامره. فحتى إن لم ير أحدًا لعدة أيام يكون حريصا على نظافته مهتما بلياقته. علي: أيها الجد أحمد، أشكرك شكرا جزيلا على المعلومات القيمة التي مددتني بها، وسوف أتأمل فيما قلته لي وأكتب منه واجبي وسوف أكون –من الآن –أكثر حرصا في موضوع النظافة. أسرع علي إلى المنزل، وشرع في كتابة واجبه المدرسي. كان يشعر باضطراب كبير وحماسٍ كبيرٍ أيضا قبل تقديم هذا العرض لأخلاق القرآن في موضوع النظافة. فالنظافة أمرٌ مهم عند المؤمنين، وهي أيضا علامة من علامات المؤمن. .