haakan وسام ذهبي
عدد الرسائل : 655 نقاط : 1830 تاريخ التسجيل : 16/07/2009
| موضوع: من ثقافة المقاومة الأربعاء أغسطس 05, 2009 2:32 pm | |
| | | | |
إن أهم أسس ثقافة المقاومة اليقين أن الأعمار والأرزاق بيد الله تعالى وحده، فإذا أعتقد الناس أن أعمارهم وأرزاقهم لا تخضع لسلطة سلطان أو حاكم مهما بلغت قوته وجبروته أصبح الناس في أمان على أنفسهم وأموالهم، فيتحركون بشجاعة لقول الحق والصدح به ومقاومة الاحتلال ورفض الظلم وكل مظاهر السلبية في المجتمع دون خوف، لأن الخالق المحيي، المميت، والرازق، العاطي المانع هو الله.
فرعون عندما استخف قومه بأطاعوه كان قد أوصلهم إلى درجة الاعتقاد أنه لا إله لهم غيره (ما علمت لكم من إله غيري)، فأصبح من الصعب على أحد رعيته أن يرفض أي أمر لفرعون لأنه -حسب اعتقادهم- هو المانح وهو المانع فأطاعوه خوفاً على حياتهم وأرزاقهم.
لكن النماذج التي آمنت أن الله تعالى هو وحده المتحكم في الآجال والأرزاق كثيرة عبر التاريخ ونذكر على سبيل المثال لا الحصر:
صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- الذين خرجوا لفتح العراق وقاتلوا رستم الفارسي بكل اعتزاز بدين الله رفضوا كل عروضه وإغراءاته، لأنهم كانوا على يقين أن الرزق ليس بيد الفرس، رغم أنهم كانوا دولة عظمى، بل بيد الله ولم يخف المسلمون على أرواحهم ولم يرد إلى خاطرهم أنهم يقامرون بأرواحهم لأنهم رغم بساطتهم وقلة عددهم وعتادهم أمام الفرس يجب أن لا يفكروا في التحرك لتغيير دين الله في كل اتجاه فكانت مجابهتهم للفرس رغم عدم التوازن في القوة العسكرية والعدد.
المسلمون في معظم معاركهم ضد أعدائهم كانوا هم القلة في العدد والعتاد، ومع ذلك كانوا يحققون النصر على العدو لأنهم كانوا يؤمنون أن أرواحهم لا تخضع لسيف العدد وجبروته بل لإرادة الله تعالى، فكانوا يصولون ويجولون بين صفوف الأعداء دون خوف على تلك الأرواح ومثال ذلك ما حدث يوم بدر والخندق ومؤتة والقادسية واليرموك وحطين وعين جالوت.
لا ننسى سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب على رأس سرية للقيام بمهمة خاصة لكن تلك السرية المكونة من ثلاثين شخصاً اصطدمت بمجموعة من قريش مكونة من ثلاثمائة مقاتل فاصطف الطرفان للقتال ثلاثون يقابلون ثلاثمائة فتدخل أحد شيوخ القبائل وفض النزاع فعاد الصحابة ومعنوياتهم في عنان السماء، وكان مشركو قريش أذلة.
بمعيار غير معيار الإسلام، يمكن القول: إن ما قام به حمزة بن عبد المطلب خطأ عسكري كبير، لأنه سيهلك هو وجنده، أما بمعيار الإسلام فكان ما كان لأن الأعمار بيد الله.
في تاريخنا الحديث، وفي كل مكان إذا أردنا أن نقول أن العدو أقوى منا فلا يمكن للكف أن يلاطم المخرز، فذلك يعني إسقاط فكرة المقاومة من أصلها لأنه لا يوجد شعب من الشعوب يمتلك قوة عسكرية توازي قوة الاحتلال وإلا لما احتل أرضه.
جميع الثورات وحركات التحرر تكون هي الأضعف في القوة العسكرية ومع ذلك تنطلق وتعمل وتواصل رغم كثرة الجراح، لأن أبناءها يؤمنون أن الآجال ليست بيد قوة الاحتلال بل بيد الله تعالى.
محمد الضيف, القائد العام لكتائب القسام؛ الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس, على سبيل المثال لا الحصر, كم مرة تعرض لمحاولات اغتيال نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي؟ ولكنها انتهت دون أن يستشهد.
هل ينسى أحد خالد بن الوليد, الذي خاض مائة معركة ومعركة, انتصر فيها جميعاً, ثم أدركه الموت, وهو على فراشه, وقد قال قولته المشهورة ( ها أنت تموت كما تموت البعير).
بمعايير غير المسلمين, كان من المحتم أن يموت خالد بن الوليد بضربة, أو بطعنة, في ميدان القتال, لكن معايير الإسلام التي أكدت أن الأرواح بيد الله , جعلت خالد بن الوليد ينطق في المعارك دون خوف؛ لأن الحافظ هو الله.
الشهيد أحمد عبد العزيز, أبرز قادة الإخوان المسلمين الذين وفدوا من مصر في حرب عام 1948م إلى فلسطين, كان يتنقل مابين غزة والضفة الفلسطينية, بمجموعته الصغيرة, يقاتل الصهاينة, وكان شعاره دوماً قول الله تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا).
إذا كان يقيننا أن الآجال والأرزاق بيد الله, لن نتردد في مقارعة العدو, ولن نخشى على أرواحنا, أو أرزاقنا, وقوت أولادنا, فننطلق للعمل والمقاومة, دون خوف أو وجل, وهذا ما يجب أن يتعزز في نفوسنا.
|
| |
|