حماس..أنت أمل الأمة...فلتبقي كذلك!!

لا يجادل أحد في أن حماس ومنذ انطلاقتها العلنية الأولى في العام 1987م والتي شكلت انطلاقتها إرباكا شديدا للتيار العلماني واليساري الذي كان ممسكا بتلابيب القضية الفلسطينية ومحتكرا له لم تسلم منذ ذلك الحين وحتى اليوم من المحاربة والتآمر سواء من الشقيق الفلسطيني أو من ابن العم العربي لجهة إزاحة هذا الشبل الوليد عن كل ما يمكن أن يمده بأسباب النمو ليبلغ سن الرشد الأمر الذي يعيد للقضية الفلسطينية انتماءها الحقيقي لامتها الإسلامية والعربية ويهدد معه مستقبل الفصائل العلمانية واليسارية التي كان وما زال لديها الاستعداد للتحالف مع الشيطان في سبيل المحافظة على كيانها ونفوذها وامتيازاتها التي كسبتها على مدار سنوات طويلة على ظهر القضية الفلسطينية التي أصبحت مهمتهم حيالها إطالة زمن إدارة الصراع وليس كسبه أو إنهاءه لصالح شعبنا وثوابتنا.

كما يهدد ربما بنفس الدرجة بقاء هذه الأنظمة الثورية منها أو الملكية والتي اتخذت من القضية الفلسطينية ظهرا امتطته لتقمع شعوبها وتتحالف مع الشيطان لضمان بقائها.

وخاضت حماس وفصائل المقاومة جولة صعبة وتاريخية في صراعها مع الاحتلال أدت إلى ارتكاب العدو خطأه التاريخي الكبير بإبعاده لأكثر من 400 من قادة المقاومة ومفكريها ومنظريها إلى مرج الزهور الأمر الذي منح المقاومة نقلة نوعية غير مسبوقة وفتح أمامها أبواب العالمية التي لعب الإعلام ابرز أدواره الايجابية فيها الأمر الذي فتح بوابة عودة القضية إلى حضن أبنائها المخلصين وخلصها ولو معنويا من محتكريها العلمانيين واليساريين ودفع عرفات وفريقه للإسراع بالارتماء في أحضان الخيارات الأمريكية والصهيونية ووقع على عجل وبسرية اتفاقات أوسلو المذلة خوفا من صعود حماس والمقاومة الإسلامية بديلا شرعيا ومعتمدا في النظام العربي والدولي.

جميع المتابعين للشأن الفلسطيني سمعوا الراحل عرفات وهو يصف حماس وفي إحدى جولات الصراع معها قبل توقيعه اتفاقات أوسلو بقبائل الزولو، وجميعنا رأى كيف اقتحم عناصر فتح عشية التوقيع على اتفاقات أوسلو المذلة المساجد وكيف مزقوا وداسوا على المصاحف في مسجد الشفاء بغزة.

كما عاصرنا جميعا اعتقال اغلب قيادات الصف الأول لحماس فضلا عن المئات من كوادرها وعناصرها المجاهدة ونتف لحاهم في سجون عرفات بعد عودته للأرض المحتلة وإقامتة لسلطة الحكم الذاتي عملا باتفاقات التعاون الأمني مع العدو.

كل هذا لم يفلح في ثني حماس وفصائل المقاومة الإسلامية عن التقدم بخطى ثابتة نحو قرع الوعي العربي والإسلامي وإيقاظ البعد القومي للقضية الفلسطينية.

العدو المعلن والعدو المتخفي بالثوب الفلسطيني لم يأل جهدا في محاربة حماس بصورة مباشرة وغير مباشرة، وعندما أيقنوا أنهم لن يفلحوا في القضاء على حماس دفعة واحدة اعتمدوا إستراتيجية أخرى وهي القائمة على قاعدة" عدوك إن لم تستطع ابتلاعه دفعة واحدة فابتلعه قطعة قطعة" و " وعدوك إن لم تستطع هزيمته مباشرة فاستعن به على هزيمة نفسه".

وعليه نرى كيف تصدى فريق المقاطعة لإشغال حماس بصغائر الأمور وبالمناكفات الإعلامية فرماها كبيرهم بالإمارة الظلامية وبالانقلابيين وغيرها من الأوصاف التي شكلت امتدادا لوصف قبائل الزولو التي رماها بها عرفات في محاولة مستميتة لجر حماس لمستنقع المهاترات التي تأكل كل مرة من رصيد حماس وصورتها المثالية التي رسمتها بدماء وتضحيات مجاهديها وقادتها الميامين.

ورأينا كيف يخرج علينا عباس وفريقه بين الفينة والأخرى بمسرحية هزلية جديدة مراهنا على جر حماس إلى مهازله العبثية وثنيها عن قضيتها الرئيسة وصراعها مع العدو التاريخي الذي أصيب بسعار الاستيطان والتهويد مسرعا الى حتفه المحتوم.

لذا على حماس التي ومنذ انطلاقتها كانت وما زالت أمل الأمة في التغيير والتحرير والانعتاق من قيود الحكومات الجبرية وتنظيف ارض فلسطين المقدسة من دنس محتليها من حثالات الأرض، عليها أن تبقى كذلك ولا تنجر إلى شرك المهاترات والمناكفات كي تبقى صورتها نقية ناصعة.

قضية القدس هي لب القضية الفلسطينية لذا على حماس أن تكون القدس كذلك في إستراتيجية حماس، دعما لأهله على كل الصعد والمستويات ودفاعا عن مقدساته بكل ما أوتيت من وسائل وقوة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

فبقاء حماس في القمة في ذهن وعقل وعيون امتنا وأحرار العالم اجمع مرهون ببقاء القدس في قمة إستراتيجية واهتمام حركة حماس.

قضية القدس هي قضية الأمة بأكملها مسلميها ومسحييها، قضية القدس اكبر من أن تحتويها حركة حماس وكل الحركات الفلسطينية، لذا على حماس أن تعمل على دفع قضية القدس نحو موقعها الطبيعي في حضن الأمة جميعا عبر العمل على إشراك وتفعيل الكل العربي والإسلامي السياسي والنقابي والشبابي والنسائي الرأسمالي والطبقات الكادحة في جهود الدفاع عنها والذود عن حياضها وتعرية محتليها، وذلك عبر استغلال حماس لمكانتها في نفوس الامة بالعمل بمنهجية على صهر كل هذه القوى العظيمة في امتنا في جبهة عريضة منظمة قادرة على استغلال كل القدرات والإمكانات في سبيل اشرف قضية عرفها التاريخ.

وهذا لا يمنع أبدا أن تكون لحماس خطط منهجية مدروسة ومنظمة لتعرية كل الأطراف الفلسطينية التي ما زلت تلتزم بالتزامات أوسلو التي تنازلت عن أكثر من 87% من فلسطين التاريخية ، والتي اعترفت "بإسرائيل" والتي تخلت عن المقاومة وسلاحها، والتي اعتبرت المقاومة إرهابًا وعبثًا، وذلك عبر فضح كل مؤامراتهم التي تتكشف كل يوم على السنة الصهاينة المحتلين.

وكي تبقى حماس قوية عليها أن توثق علاقتها بشعبها وتزيدها قوة فهو مددها وهو بعد الله سندها وهو الذي يتحمل معها كل المشاق والصعاب والنتائج الخطرة للمقاومة.

وكي تبقى حماس قوية يجب ان تكون بنيتها المؤسساتية قوية، فقد اختارها شعبنا عبر صناديق الاقتراع لتمثيله فعليها ان تكون عند مستوى التحدي وعند حسن الامل وان تعمل على تقوية مؤسساتها الحكومية والتمثيلية كي ترعى احتياجاته وتلبي رغباته بعيش حر كريم

بقلم: عماد عفانة