هذا حديث عظيم يوضح بصورة رائعة حق الله سبحانه على عباده
المؤمنين وحق عباده عليه سبحانه ويعد من البشائر النبويه
نقلته لنستفيد منه جميعا ان شالله :
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال :
كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على ياطيب فقال :
( يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد ؟ وما حق العباد على الله؟ )
قلت الله ورسوله أعلم قال :
( حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله
أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا )
قال قلت يا رسول الله أفلا أبشر الناس ؟
قال ( لا تبشرهم فيتكلوا )
وقد فسر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله العبادة بقوله انها :
اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة
والباطنة .
وهذا يدل على أن العبادة تقتضي الانقياد التام لله تعالى ، أمرا ونهيا
واعتقادا وقولا وعملا، وأن تكون حياة المرء قائمة على شريعة الله ،
يحل ما أحل الله ويحرم ما حرم الله ، ويخضع في سلوكه وأعماله وتصرفاته
كلها لشرع الله ، متجردا من حظوظ نفسه ونوازع هواه ، ليستوي في هذا
الفرد والجماعة ، والرجل والمرأة ، فلا يكون عابدا لله من خضع لربه
في بعض جوانب حياته، وخضع للمخلوقين في جوانب أخرى ، وهذا المعنى
يؤكده قول الله تعالى :
( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم
حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )
والعبودية لله وحده والبراءة من عبادة الطاغوت والتحاكم إليه ، من مقتضى
شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ،
فالله سبحانه هو رب الناس ، وإلههم ، وهو الذي خلقهم وهو الذي يأمرهم
وينهاهم ، ويحييهم ويميتهم ، ويحاسبهم ويجازيهم ، وهو المستحق للعبادة
دون كل ما سواه قال تعالى :
( ألا له الخلق والأمر )
وقد حكى الله سبحانه عن اليهود والنصارى أنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم
أربابا من دون الله ، لما أطاعوهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال ، قال تعالى :
( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا
ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه )
وقد روي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه ظن أن عبادة الأحبار والرهبان
إنما تكون في الذبح لهم، والنذر لهم، والسجود والركوع لهم فقط ونحو ذلك،
وذلك عندما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مسلما وسمعه يقرأ هذه الآية ،
فقال : يا رسول الله ، إنا لسنا نعبدهم ، ( يريد بذلك النصارى حيث كان نصرانيا
قبل إسلامه ) فقال صلى الله عليه وسلم :
( أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم فتحلونه ؟ )
قال : بلى
قال : ( فتلك عبادتهم )