كثيراً ما تسمع الناسَ يشيرون إلى
"الله". وغالباً ما يَذكُرونه في جُمَل مثل:
"لِيُبَارِكَّ اللهُ"،
"إنْ شاء اللهُ" "فَلْيَغفِر لك الله" وهكذا
. هذه هي الجمل التي تستخدمها حين تذكُر الله، وتُصلِّي بين يديه أو تُسبِّحه
. وعلى سبيل المثال فإنَّ جملة
"فَلْيَحفَظْكَ اللهُ" تُعبِّر عن حقيقةِ أنَّ الله لديه قوَّةٌ وقدرةٌ لا نهائية عليك وعلى جميع المخلوقات مِن حولك
- الحيَّةِ منها وغيرِ الحيَّة
-. فاللهُ وحدَه القادرُ على حِفْظِك وحفظِ أُمِّك وأبيك وأصدقائك مِن الأذى
. ولهذا السبب فإنَّ هذا الدعاءَ كثيراً ما يُستخدَم حين الإشارة لِكارثة طبيعية أو حادثٍ مأساويٍّ مماثل
. ولْنُفكِّر لحظةً؛ هل يُمكِن لأمِّك أو أبيك أو أيِّ أحد تعرِفه أنْ يمنع كارثةً طبيعيةً مثل فيضانٍ أو حريق أو زلزال؟ بالطبع لا يُمكِنهم ذلك، لأنَّ الله وحدَه الذي يجعل مثل هذه الحوادث تصيب الإنسان، وهو وحده القادرُ على منعِها أيضًا
. وكلمة
"إن شاء الله" تعني
: إذا أراد الله، وعليه، فإنه يجب علينا حين قولنا سوف نفعل شيئاً أو سنمتنع عن فعل شيء، أن نقول بعد ذلك
: "إن شاء الله"، ذلك لأن الله وحده هو الذي يعرف المستقبل وبالتالي يخلقه حسب رغبته، ولا يحدث شيء إلا حسب ما يرغبه الله
. وحين يقول أحدٌ منَّا على سبيل المثال
: بالتأكيد سأذهب إلى المدرسة غدًا؛ فإنه يرتكب خطأً بذلك، لأنه لا يعرف ما الذي يريد الله منه أن يفعله في المستقبل
.وربما أصابه المرض وعجز عن الذهاب إلى المدرسة، أو ربما حدثت اضطرابات أو ظروف جوِّية صعبة فتوقَّفت الدراسةُ في المدارس
. لهذا السبب نقول
"إن شاء الله"حين نعبِّر عما ننوي عمله في المستقبل، وبالتالي نُقِرُّ بأنَّ الله يعرف كل شيء، وأنَّ كلَّ شيء يحدث بإرادته، ولا يمكِننا أن نعرف شيئًا يتجاوز ما يعلمه الله لنا، وبهذه الطريقة نُظهِر الإحترام الواجب نحو ربِّنا الذي يمتلك القدرة والمعرفة المطلقتين
. ويخبرنا الله في آياتِ القران الكريم أنه يريد منَّا أن نقول
(إن شاء الله" فيقولعزَّمِنقائل: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍإِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً) (سورة الكهف: 24 - 23 ) .
وقد لا تعرف يا صغيري الكثير عن هذه الموضوعات، ولكنَّ هذا ليس مُهِمًّا إلى درجة كبيرة، فما عليك - إن أردت أن تعرف الله - إلا أن تنظر مِن حوْلك وتُفَكِّر.
ستجد أنَّ الجَمَال ينتشر حولنا في كلِّ مكان وتظهر لك صفاتُ الله وقدرتُه التي لا حدود لها. فكِّر في أرنبٍ أبيضَ جميلِ اللَّون، أو في الوجه الباسم للدَّلافين، أو في الألوان الزاهية لجناح فراشة، وفكِّر في زُرقة البحار، وخُضرة الغابات والأنواع المختلفة من الزهور، وغيرِ ذلك من مظاهر الجمال التي لا حصر لها في العالم. إنَّه الله الذي خلق كلَّ هذا، فهو خالق كلِّ الكون الذي تراه؛ خلق مِن عدَمٍ العالمَ وما به من مخلوقات. ومن خلال رؤية الجَمَال الذي يخلقه الله يمكنك أن ترى قدرته المطلقة.
ويُعتبَر من الحقائق التي لا شك فيها أنَّ وجودَنا هو دليلٌ على وجود الله؛ ولذا فَلْنُفكِّرْ أولاً في وجودنا، وكيف خلقَنا الله بهذا القَدْرِ مِن الكمال.
خَلْقُ الإنسان هل تساءلتَ يوماً كيف ظهر الإنسان إلى الوجود؟ غالباً ما تبادر بالإجابة: "إنَّ لكل فرد أُمًّا وأباً" ولكنَّ هذه الإجابة سوف تكون غيرَ دقيقة، فهي لا تفسِّر كيف ظهرتْ أوَّلُ أمٍّ وكيف ظهر أوَّلُ أبٍ، أي إنَّها إجابة لا تفسِّر كيف ظهر أوَّلُ إنسان إلى الوجود. ويمكن أن تكون قد سمعت بعض القصص عن هذا الموضوع في المدرسة أو ممن هم حولك. فَلْنَأْتِ الآن إلى الإجابة الدقيقة الوحيدة؛ وهي أنَّ الله هو الذي خلقك. وسوف نتناول هذا الأمر بالتفصيل في الفصول القادمة. أمَّا الآن، فهناك شيء واحد يجب أن نعرفه كلُّنا، وهو أنَّ أوَّل إنسان ظهر على وجه الأرض إنَّما كان النبيُّ آدمُ عليه السلام، ومنه جاء كلُّ البشر.
وكان آدمُ عليه السلام إنساناً مثلنا تماماً، يمشي ويتكلَّم وينام ويأكل، ويصلِّي كذلك ويعبد الله. وقد خلقه الله أولاً ثم خلق زوجتَه، ثم تكاثر أبناؤُهما وملأُوا العالمَ بأكمله.
ولا تنس أبداً أنَّ الله، حين يريد الخلْقَ، يُصدِر أمراً واحداً، وهو قولُه لِما يريد خلْقَه: كُن فيكون، فعند الله القوةُ والقدرةُ المطلقة ليفعل أيَّ شيء يُريد. وعلى سبيل المثال فإنه خلق آدمَ من طين وهذا أمر سهل بالنسبة إليه سبحانه.
ورغم ما سبق فلا تنس أبداً أنَّ هناك أُناس يُنكرون وجودَ الله، ويعطي هؤلاء إجاباتٍ أخرى للسؤال حول كيفية إيجاد الناس؛ فهم لا يبحثون عن الحقيقة.
فإذا تخيَّلنا أنَّ شخصيةً من شخصيات الرسوم المتحرِّكة قالت: أنا ظهرت إلى الوجود حينما تمَّ سكب الحبر على الورق بالصدفة، كما أن الألوان سُكِبَت هي الآخرى بالصدفة وكوَّنت ألواني، أي أنَّني لم أحتج لأيِّ شخص لِيَرسمَ صورتي أو يعطيَنِي شكلي، وإنما ظهرتُ للوجود بالصُّدفة. لا يمكنك في هذه الحالة أن تأخذ كلام هذه الشخصية الكارتونية بجِدِّية، فأنت تعرف أن الخطوط والألوان المُحكمة والحركات التي تصدر عن هذه الشخصية الكارتونية وغيرها لا يمكن أن تتكوَّن بصورة عشوائية من خلال سَكْب الألوان هنا وهناك، حيث أنَّ سكب زجاجة حبر لا ينتج عنه إلا فوضىً وبُقعةً مِن لطخ الحبر، ولا يمكن أن تَنْتُج عنه صورةٌ دقيقة ذاتُ خطوط منتظمة .وكلُّنا يعرف أنه لظهور أيِّ شيء له معنى وهدفٌ، فإنَّه يجب لشخص ما أنْ يفكِّرَ فيه ويُصمِّمَه ويرسمَه.
ولا تحتاج يا صغيري لتعرف كل هذا أن ترى الفنَّانَ والرسَّام، فأنت تفهم تِلْقائِياً أنَّ فنَّان الكارتون هو الذي أعطى الشخصيةَ الكارتونيةَ خصائصَها وشكلَها وألوانَها والقُدرةَ على الكلام والمشي أو القفز