انطلقت مجموعة شهداء من أجل الأسرى مع بدايات عام 1997، وكانت تحمل هدف تحرير الأسرى كهدف أساسي تسخر في سبيله كل نشاطاتها، وقد تميزت بتنفيذ عمليات مزدوجة أولها محنيه يهودا في قلب القدس والثانية في شارع بن يهودا في القدس أيضاً ، ومن أبرز قادة هذه المجموعة الشهيد المجاهد محمود أبو هنود والشهيد القائد خليل الشريف والأسير المجاهد معاذ سعيد بلال.
* الشيخ سعيد بلال:
ولد الشيخ سعيد 14-12-1930 ، وانتمى إلى جامعة الإخوان المسلمين في خمسينيات القرن الماضي وبرز نشاطه في العراق إذ كان يقطن هناك ثم عاد إلى أرض الوطن فلسطين وبعد حادث عمل أدى إلى بتر قدمه.
برز نشاطه التنظيمي في جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين إذ كان أحد مكونات الهرم التنظيمي ومَثّل الإخوان في فلسطين في عدة مؤتمرات إسلامية أشهرها مؤتمر الباكستان عام 1987 ، اعتقل عام 1980 على خلفية علاقته مع خلية أسرة الجهاد التي تشكلت في الأراضي المحتلة عام 1948 ، وقد توفي رحمه الله في 19-10-2005.
* جهاده في كتائب القسام:
لأول مرة يكشف القسامي الأسير المجاهد معاذ سعيد بلال نجل الشيخ الراحل الشيخ سعيد في المجموعة وإذ يروي معاذ أن علاقة الشيخ بدأت منذ تأسيس المجموعة كعلاقة شورية تطورت إلى أن أصبح دور الشيخ محورياً ذا أهمية لوجستية إذ أشرف الشيخ على صياغة البيان الأول للخلية والذي تبنى عملية محنيه يهودا وأبرز من خلاله أهداف المجموعة والتي تمثلت بإطلاق سراح الأسرى وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين - رحمه الله –
وعندما كانت الساعة قد حانت لتنفيذ العملية الثانية في شارع بن يهودا ، نزل الجميع عند رأي الشيخ الذي كان رأيه تأجيلها لمدة أسبوعين لأسباب تتعلق في تطور الوضع السياسي الداخلي ، وعندما كانت العملية شارك الشيخ في صياغة البيان الثاني.
عندما احتاجت المجموعة إلى ذخيرة وسلاح ، كُلِّفَ الشيخ من نجله معاذ بإتمام هذه المهمة ، وتميز بسرعة تأمين كمية وافرة من الرصاص والسلاح.
لم ينس الشيخ دوره الإنساني في المجموعة ، فعندما اقتحمت قرية عصيرة الشمالية من قبل قوات الاحتلال الصهيوني وحوصرت لهدم بيت استشهادييها الأربعة أبطال عمليتي محنيه يهودا وبن يهودا والتي أسفرت عن قتل 21 صهيونيا وجرح ما لا يقل عن 300 آخرين ، أصر الشيخ على أن يصل إلى أهالي الشهداء الأربعة للاطمئنان عليهم مستغلاً كِبَر سنه مستقلاً سيارة الإسعاف لينجح فيما أراد.
بعد هذه الإضاءة على جهاد الشيخ في المجموعة يصف معاذ نجل الشيخ والذي كان أحد مؤسسي المجموعة علاقته مع أبيه في الجهاد:
كنتُ أثق بأبي ، وأعلم أنه يحمل في داخله مجاهداً وعاشقاً لدينه ودعوته ، كنت أشعر أحياناً بالخجل عندما أكلف أبي بموقع مسؤوليتي بمهمة جهادية هنا أو هناك ، لكنه لم يشعرني ولو لمرة واحدة إلا بتميز جنديته ، كان متميزاً وهو شيخ لي يربيني وكان متميزاً وهو أب لي يحضنني ويقوّم سلوكي ، وكان متميزاً معطاءً وهو جندي ، أقرأ في عينيه في كل غدوة أو روحة تاريخ الصحابي الجليل عمرو بن الجموح حين خاطب أبناءه قائلاً بعد أن أسمعوه قوله تعالى " ليس على الأعرج حرج " عندما قال :" والله إني أحب أن أطأ الجنة بعرجتي هذه "
وبانكشاف هذا السر القسامي وبعد اثني عشر عاماً ، يقيم الشيخ سعيد أبو بكر الحجة على كل صحيح وشاب ، بل لم يبق عذر لمن يقول كبرت وضعف جسدي فهذا الشيخ يجاهد وهو على أبواب السبعين ويرحل إلى جوار ربه وهو يردد أبيات شعره التي خطها بيده آخر أيام عمره موصياً أبناءه الخمسة المعتقلين عند الاحتلال الصهيوني ورسالة إلى كل أبناء الدعوة وأبناء حماس خاصة :
حافظ بني على عهدي واحذر أن تميل ** سبعون صارعتُ الحياة ولم أكن يوماً ذليل
ولم أكن يوماً مبذر أو بخيل ** بل كنت مؤتمناً على رأس الفصيل
أملي بأن ألقاكم أضحى ضئيل ** لا تبك يا ولدي وكف عن العويل
وأعلم بأن الحمل يا ولدي ثقيل ** وإياك أن ترجو من الناس الجميل
ودعوة الله من سواك لها دليل ** لا تطفئ المصباح وأشعلنّ له فتيل
ولقد عرفت الحق في هذا السبيل ** فسلكته رغم الوضوح بأنه دربٌ طويل
ها قد سلكتم درب مولانا الجليل ** وتمر المسالك ، والنهاية سلسبيل
أملي وأملكم بظل العرش لا نرضى بديل ** فخلود دعوتنا هناك وظل جنتنا ظليل
(والدكم) الشيخ سعيد بلال
...
بقلم: الأسير بكر سعيد بلال