خَالِدُونَ(82)" سورة البقرة / 80 – 82
"أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(109) " سورة التوبة / 109 في حديث نبوي أخبرنا الرسول ( ص ) عن أحوال الناس في الجنة وفي الجحيم:
( إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جئ بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار فيذبح، ثم ينادي منادي: يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت. فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم، وأهل النار حزنا إلى حزنهم.) 45
" الرسول ( ص ) يحذر الناس من التكبر"
We only sent you for the whole of mankind, bringing good news and giving warning. But most of mankind do not know it.(Surah Saba': 28) |
بين الرسول ( ص ) أن التكبر والتعالي على الناس من مساوئ الأخلاق ومفاسدها ليس له من الله إلا السخط والنار. لذلك حذرهم من هذا الخطر الكبير من أن يقعوا فيه، وكان ( ص ) في شخصه مثال التواضع والبساطة والرفق والشفقة. من الأحاديث النبوية حول الغرور والتكبر ووجوب اجتنابهما هذه الأحاديث:
( إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق وغمص الناس). 53
( لا يزال المرء يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين فيصيبه ما أصابهم من العذاب.) 54
كما ونهى عليه الصلاة من التفاخر بالآباء والأجداد والتباهي بالعائلة والعشيرة:
( ليدعن قوم الفخر بآبائهم وقد صاروا فحما في جهنم أو ليكونن أهون على الله من العجلان التي تذوف بإنافها القذر- أو: يدهه الخراء بأنفه- إن الله تعالى أذهب عنكم عبيه الجاهلية. إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي الناس كلهم بنو آدم وآدم من تراب.) 55.
لم ينه الرسول ( ص ) عن الاعتناء بالملابس والهندام والمظهر والنظافة بل وحثهم على الاهتمام بهذه الأمور، ولكنه في نفس الوقت نهاهم عن التعالي والتكبر بسبب ثرائهم وما يلبسونه أو يظهرون عليه من مخافة الهندام وحسن المنظر والخلقة مذكرا أن ذلك سبب لعقاب الله وسخطه والخسران يوم القيامة، بل عليهم الالتزام بالتواضع والبساطة وجمال الذوق والنفس:-
( بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مرتجل رأسه، يختال في مشيته إذ خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة). 56
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ(28) سورة سبأ / 28.
* " أقوال الرسول ( ص ) في الإنفاق".
الإنفاق هو أن يسخر الإنسان أمواله وما يملك، ونفسه في سبيل الله ونيل رضاه. وقد سئل الرسول ( ص ) من بعض أصحابه ومن كانوا معه عن الإنفاق فأجابهم الرسول ( ص ) إلى سبل الإنفاق وكيف يجب أن يكون، وحثهم عليه ورغبهم فيه. وفي القران الكريم وردت آيات عديدة منها:
"يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ(215)" سورة البقرة / 215.
"يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ(219)" سورة البقرة / 219
"قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ(39)" سورة سبأ / 39
و قد وردت أحاديث عن رسولنا ( ص ) حول النهي عن البخل والدعوة إلى السخاء والبذل:
( اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فان الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دمائهم واستحلوا محارمهم) 75
( أحبوا المساكين وأدنوا منهم، إن تحبوهم يحبكم الله وإن تدنوهم يدنكم الله وإن تكسوهم يكسكم الله وإن يطعموهم يطعمكم الله، جودوا يجد الله عليكم). 58
( "مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(261) سورة البقرة / 261.
* " النبي ( ص ) رسول إلى الجن أيضا". السورة ( 72 ) من القران الكريم هي سورة الجن وفيها ذكر على أن سيدنا محمد ( ص ) هو مرسل إلى الجن أيضا ومكلف بتبليغ القران إليهم. فمنهم من يسمع إلى كلام الله، ومنهم مسلمون اتبعوا الرسول ( ص ):-
"قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا(1)يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا(2)" سورة الجن / 1 – 2.و تذكر آيات اخرى إيمان بعض الجن بالإسلام، وتقول عن لسانهم:
" وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا(13)وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا(14)" سورة الجن / 13 – 14و من الجن من بقي على دينه الباطل ولم يهتد، واستمر في الكذب والافتراء على رب العالمين، تقول عنهم الآيات وفي عقيدتهم الفاسدة:
"وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا(3)وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا(4)وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا(5)" سورة الجن / 3 – 5 " وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا(9)" سورة الجن / 9
هذه الآية الأخيرة تصف المشركين من الجن وكيف يجتمعون ويتكتلون حول النبي ( ص ) عندما يهم بالصلاة وبالعبادة. وهكذا تتضح من الآيات المذكورة أن سيدنا محمد ( ص ) رسول مرسل إلى جميع البشرية وإلى عموم الجن أيضا، وأن القران العظيم هدى الله تعالى وطريق الإيمان لعالم الإنس كما هو لعالم الجن سواء بسواء.
( "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ(55)وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِي(56)" سورة الذاريات / 55 – 56 ). ( "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(24)" سورة الأنفال / 24 )( "مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ(22)" سورة الحديد / 22 ) " الرسول ( ص ) يحذر المنكرين"
قام الذين أنكروا القران ونبوة سيدنا محمد ( ص ) بالكثير من الأذى، ووضع العراقيل والمعوقات أمامه ومنعه ومحاولة صده عن تأدية رسالته في التبليغ، حتى وصل بهم الحال إلى تهديده بالمقاطعة والنيل منه وحتى اغتياله وتصفيته جسديا. ورغم ذلك استمر الرسول ( ص ) في تأدية واجب التبليغ دعوة الناس إلى الله، وتذكيرهم بعظمته وربوبيته وسطوته وقدرته. وهو بذلك أثبت كونه بحق رسولا مبعوثا، منذرا بعذاب النار، ومبشرا بنعيم الجنة، هدفه تبليغ كتاب الله وأحكامه وآياته الداعية إلى الحق والنور والهدى. وكان( ص ) يدعوهم بالمقابل بأسلوب لطيف وهادئ وبكل لين وسلاسة، حتى إن هذا الأسلوب استمر معه إلى ما بعد فتح مكة المكرمة ونمو ساعد الدين وسيطرة دولته وسلطته على أرجاء كثيرة. ولم يشاهد أو يسمع منه أي نوع من الضغوط أو الإكراه لإدخال قومه إلى دينه الجديد. بل ترك لهم الحرية في الاختيار وتقرير الإيمان بالإسلام طواعية وعن رضا وقبول. وهذه بعض من آيات القران الكريم التي توضح سلك الرسول هذا:-
"قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(108)فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ(109)إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنْ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ(110)وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ(111)قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَانُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ(112)" سورة الأنبياء / 108 – 112" وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ(41)". سورة يونس / 41." قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ(135)" سورة الأنعام / 135"إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ(19)" سورة الجاثية / 19 And remind them, for truly the believers benefit from being reminded. I only created jinn and man to worship Me. (Surat ahd-Dhariyat: 55-56) |
* " الرسول ( ص ) لم يدخل في جدال عقيم مع المشركين"
اتبع الرسول ( ص ) مع الذين أنكروا الخالق وكفروا بالقران والنبوة، اسلوبا لطيفا لينا فيه الكثير من الصبر والتحمل والحكمة، ولم يمارس في دعوته وتبليغه اسلوب الضغط والصدام والعنف، وحتى في جداله ورده على أقاويلهم. بل أفهم انه سوف يضع ميزان العدالة والحق في علاقته معهم ولن يدخل في نقاش وجدال لا طائل منه. وهذا الأسلوب من الرسول ( ص ) هو تنفيذ لأوامر ربه المبلغة إليه في آيات القران الكريم:-
"فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ(15)" سورة الشورى / 15.
( " فلذلك فادع واستقم كما امرت ولا تتبع أهوائهم وقل آمنت بما انزل الله من كتاب... )" الرسول ( ص ) يدعو من أنكر الرسالة إلى التوبة"
إن الله رحيم عفو وغفور بعباده. بشر الناس في القران أن كل ذنب اقترفوه قابل للعفو والمغفرة إذا ما تابوا وندموا على فعلهم. وقد جاءت آيات الكتاب الحكيم تأمر الرسول بتبليغ ذلك إلى المنكرين والضالين:
" قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ(38)" سورة الأنفال / 38 و في حديث نبوي شريف، يؤكد الرسول ( ص ) أن باب التوبة مفتوح في أي وقت أو زمان إذا ما تاب العبد وأصلح:
( باب التوبة مفتوح لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها" 59
"فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ(15)" سورة الشورى/ 15 " الرسول ( ص ) يحذر المنكرين أن الخسران مصيرهم"
في جميع أقول الرسول ( ص ) وأفعاله وإجراءاته نرى ونشاهد مدى الالتزام بمبدأ التوكل على الله والتسليم له، والثقة الكبيرة والاعتماد عليه وحده. وكان يظهر للمؤمنين في أكثر الأوقات عسرة وصعوبة ثقته العلية بان النصر سيكون حليفهم وأن ربهم قادر على دحر الأعداء المنكرين للرسالة، وأنه لن يمنع عونه عن المؤمنين.
" قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ(12)" آل عمران/ 12
و في حديث نبوي يقول الرسول ( ص ):
( ... وإن ما توعدون لآت وما انتم بمعجزين) 60
" الرسول ( ص ) ينذر المنكرين باليوم الآخر"
من خصائص وصفات المنكرين للرسالة السماوية عدم إيمانهم واعتقادهم باليوم الآخر وبالبعث والنشور. وهذا ما كان عليه حال المشركين في عهد الرسول ( ص ) وقد جاءت آيات القران بالحجة البالغة وبأكمل صورة وأبلغ حديث، جوابا على ما يدعون:
"قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ(12) "سورة الإسراء / 49 - 51 " أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ(16)أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ(17)قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ(18)." سورة الصافات / 16 – 18و كان الرسول ( ص ) يطمح إلى كسب هؤلاء إلى صنف الإيمان وإرجاعهم عن غيهم وإنكارهم، فكان يحدث الناس عن الحياة الاخرى التي هي الباقية والخالدة:
" أيها الناس إنما الدنيا عرض حاضر يصيب منها البر والفاجر والآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر يحق بها الحق ويبطل الباطل فكونوا أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فان كل أم يتبعها ولدها اعملوا وانتم من الله على حذر، واعلموا أنكم معرضون على أعمالكم وأنكم ملاقوا الله لابد منه. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره). 61
" فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ(15)" الزمر / 15" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(116)" آل عمران / 116
" الرسول ( ص ) يحذر المنكرين بالجحيم"
من بين واجبات الرسل والأنبياء إرشاد الناس وتحذيرهم من غضب الله تعالى وتخويفهم بعذاب النار في جهنم. وهذه الأساليب هي لتمهيد الطريق أمام البشر لاتباع طريق الإيمان والهدى ومعرفة الله والخشية منه، وإبعادهم عن عذاب النار وفوزهم بالنعيم المقيم في الجنة في الحياة الاخرى. وهذه ما فعله أيضا رسولنا ( ص )، فكان بشيرا إلى الإيمان ونيل رضا الله وترك الكفر والضلالة، ونذيرا من غضب الله وعقابه العادل. وبذلك جاءت آيات القران:
"وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمْ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ(72)" سورة الحج / 72.
" إِلَّا بَلَاغًا مِنْ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا(23)" سورة الجن / 23.
وصف النبي ( ص ) عذاب النار وأشكالها وصفا دقيقا ومفصلا، وصور استنجاد المنكرين وهم في نار الجحيم وتوسلهم لإخراجهم منها، هادفا من ذلك تخويف الناس وحثهم إلى الإيمان وبالتالي تجنب المصير البائس الذي ينتظر الكافرين.
They will not help you in any way against Allah. The wrongdoers are protectors of one another but Allah is the Protector of those who do their duty. (Surat al-Jathiya: 19) |
" الرسول ( ص ) يعلم المنكرين عدم إتباعه طريقهم وبأسلوب قاطع وواضح وثابت".
بالرغم من أن يأس الكفار والمنكرين وظهورهم بمنظر القوة والبأس وكثرة عددهم وسطوتهم، فقد استمر الرسول ( ص ) بدعوته وتبليغ دين الله بكل قوة وثبات ورباطة جأش، ولم يلتفت إلى تهديداتهم والعراقيل التي وضعوها أمامه، وظل يبشرهم وينذرهم دون أن يترك إنطباعا لدى أعدائه انه سيترك دعوته ويتبعهم. ولاشك أن قوة العزيمة والصبر والقرار الثابت من صفات الرسول ( ص ) ومن خلق النبوة. وما أحرى بالمسلمين اتخاذه نموذجا ومثلا واتباع اسلوبه وسبيله.
"قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ(39)" الزمر / 39
و هذه بعض الآيات من الكتاب الحكيم حول هذا الموضوع:
Say: 'My people, do as you think best; that is what I am doing.You will soon know…' (Surat az-Zumar: 39) |
" قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ(56)قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنْ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ(57)" سورة الأنعام / 56 – 57
"قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(3)وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ(4)وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(5)لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(6)" سورة الكافرون / 1 – 6.
* " الرسول ( ص ) يذكر أهل الكتاب"
خاطب الرسول ( ص ) أهل الكتاب وتوجه إليهم يدعوهم إلى اتباع الدين الجديد وترك معتقداتهم المنحرفة وما هم عليه من الشرك الذي أدخلوه إلى دينهم، وحثهم على قبول رسالة الله الأخيرة. وكما فعل مع المنكرين والمشركين لم يتبع أية وسائل الضغط والإكراه والقسر، وإنما كان اسلوبه يعتمد على الدعوة بلطف ولين ناصحا لهم ومحاولا إقناعهم بالتي هي أحسن.
و من الخصائص العجيبة لأهل الكتاب – وخاصة اليهود – اعتقادهم بأنهم أحباب الله وأنهم مختارون لديه ومفضلون على العلمين، وبالتالي فهم وحدهم من سيمضون برضا الله ويدخلون نعيمه وجناته، ولا حق لغيرهم بها. وأراء هذا الموقف الشاذ والاعتقاد الباطل الذي أظهره اليهود والذي لا دليل أو حجة لهم به، جاء جواب الرسول ( ص ) ينطق بآيات بينات يسفه مواقفهم ويعلن بطلان آرائهم:-
" وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(91)" سورة البقرة / 91.
"قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(94)وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ(95)" سورة البقرة / 94 – 95.
"وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(111) " / البقرة / 111.
"وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ(18) " سورة المائدة / 18.
" وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ(135)" سورة البقرة / 135.
و أوصى النبي ( ص ) المؤمنون كيف يخاطبوا أهل الكتاب، وفي حديثه:
( ... قولوا نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله.") 62
"أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(50)" سورة المائدة / 50.
* "و لم يمارس ضغطا عليهم عند دعوتهم إلى الإسلام "
اتبع الرسول ( ص ) مع أهل الكتاب بالخاصة وسيلة سهلة ولينة في دعوتهم إلى الإسلام، دون ضغط أو إجبار أو إكراه، بل دعاهم بكل لطف وسماحة مظهرا لهم خلقه القرآني ليتبعوه هم أيضا ويتحلوا به في حياتهم. وقد كان العدل والإنصاف ميزانه معهم. تركهم أحرارا في ممارسة شعائرهم الدينية ، وسمح لهم بالعيش طبقا لعاداتهم وتقاليدهم، وأوصى بهم خيرا عند أصحابه ولمن يأتون من بعدهم. يروى عنه ( ص ) أنه قال:-
( من آذى ذميا فأنا خصمه... ومن ظلم معاهدا أو تنقضه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا خصمه يوم القيامة...) 63
و لا زالت العقود والمعاهدات التي أبرمها الرسول ( ص ) مع أهل الكتاب من نصارى ويهود وغيرهم من الطوائف وثائق محفوظة ومراجع معتمدة. وعلى سبيل المثال ينص العهد الذي كتبه الرسول ( ص ) إلى الحارث بن كعب وبني قومه من النصارى:-
( ".. لأسقف بني الحارث بن كعب وأساقفة نجران وكهنتهم ومن تبعهم ورهبانهم، أن لهم على ما تحت أيديهم من قليل وكثير من بيعهم وصلواتهم ورهبانيتهم وجوار الله ورسوله... ولا بغير حق من حقوقهم ولا سلطانهم... غير مثقلين بظلم ولا ظالمين") 64
بعد كتابة النصوص أعلاه، قرأ الآية الكريمة:
"وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(46)" سورة العنكبوت /46.
و جاء في الآية الكريمة أيضا ما يوضح للمسلمين كيفية مخاطبة أهل الكتاب:
"قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ(139) " سورة البقرة / 139.
* " الرسول ( ص ) يدعو أهل الكتاب الى ترك الشرك بالله والإيمان بوحدانيته"
في دعوته أهل الكتاب إلى الدخول في الدين الجديد، كان الرسول ( ص ) يؤكد أولا على عدم الإشراك بالله جل جلاله، وتوحيده وتنزيهه قبل أن يخطو أية خطوة اخرى للاتفاق على تفاهم مشترك أو الالتقاء على نقاط محددة:
" قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(64)" سورة آل عمران / 64
" قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ(77)" سورة المائدة / 77
و عندما أرسل النبي ( ص ) الصحابي معاذ بن جبل ( رض ) إلى اليمن، أوصاه أن يدعوا أهل الكتاب أولا إلى عبادة الله وتوحيده:
( " انك تقدم على قوم أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله تعالى..."). 65
( " وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ(192)") سورة الشعراء / 192.